وكالة أنباء الحوزة - كانَ إبليسُ يَختَرِقُ السّماواتِ السَّبعَ ويَستَرِقُّ السَّمعَ، فَلَمّا وُلِدَ عيسى بنُ مريمَ (عليهِ السَّلامُ) مُنِعَ مِن ثَلاثِ سَمَاوَاتٍ وصَارَ يَصِلُ إلى أَربَعٍ مِنها، وَلَمّا وُلِدَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) مُنِعَ مِن الجَميعِ ورُمِيَتِ الشَّياطِينُ بالنُّجومِ. وقالَت قُرَيشٌ: هذا قِيَامُ السَّاعةِ الَّذي كُنَّا نَسمَعُ أَهلَ الكُتُبِ يَذكُرُونَهُ.
وأَصبَحَتِ الأَصنَامُ كُلُّها صَبِيحَةَ مَولِدِ النَّبِيِّ ليسَ منها صَنَمٌ إلَّا وهُوَ مُنكَبٌّ على وَجهِهِ، وارتَجَسَ في تِلكَ اللَّيلَةِ إيوانُ كِسرَى، وسَقَطَت مِنهُ أَربَع عَشرَةَ شُرفةً، وغَاضَت بُحَيرَةُ سَاوَةَ، وخَمَدَت نِيرانُ فَارس ولم تَخمِد قَبلَ ذلكَ بأَلفِ عَامٍ.
وانتَشَرَ في تِلكَ اللَّيلَةِ نُورٌ مِن قِبَلِ الحِجَازِ، ثمَّ استطَاعَ حتَّى بَلَغَ المَشرِقَ، ولم يَبقَ سَرِيرٌ لِمَلِكٍ مِن مُلُوكِ الدُّنيا إلَّا أَصبَحَ مَنكُوسًا، وانتُزِعَ عِلمُ الكُهَّانِ، وبَطَلَ سِحرُ السَّحَرَةِ، ولم تَبقَ كَاهِنَةٌ في العَرَبِ إلَّا حُجِبَت عن صَاحِبَتِها.
وذُكِرَ مِن مَعاجِزِهِ أنَّ أُمَّهُ قالَت: إنَّ ابنِي واللهِ سَقَطَ فاتَّقَى الأرضَ بِيَدِهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إلى السَّماءِ فَنَظَرَ إلَيها، ثُمَّ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضاءَ كُلَّ شَيءٍ، وسمِعتُ في الضُّوءِ قائلًا يقولُ: إنَّكِ قد ولدتِ سَيِّدَ النَّاسِ فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا.
وأُتِيَ بِهِ عبدُ المُطَّلِبِ لِيَنظُرَ إلَيهِ وقد بَلَغَهُ ما قالَت أُمُّهُ، فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ في حِجرِهِ، ثمَّ قالَ: الحَمدُ للهِ الَّذِي أَعطَانِي هَذا الغُلَامَ الطَّيِّبَ الأَردَانِ، قد شادَ في المَهدِ على الغِلمانِ.
ثمَّ عَوَّذَهُ بأَركَانِ الكَعبَةِ، وقالَ فيهِ أَشعَارًا.. وروي أن النَّبِيُّ وُلِدَ مُختُونًا مَسرُورًا، فَحُكي ذَلكَ عندَ جَدِّهِ عبدِ المُطَّلِبِ فقالَ: لَيَكُونَنَّ لابنِي هَذا شَأنٌ.
ورُوِيَ أيضًا عن أَميرِ المُؤمِنينَ (عليهِ السَّلامُ)، قالَ: لَمَّا وُلِدَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أُلقِيَتِ الأَصنَامُ في الكَعبَةِ على وَجهِها، فلمّا أَمسَى سمع صَيحة مِن السَّمَاءِ: جَاءَ الحَقُّ وزَهَقَ البَاطِلُ، إنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا.
ووَرَدَ أنَّهُ أضاءَت تِلكَ اللَّيلَةُ جَمِيعُ الدُّنيا، وضَحِكَ كُلُّ حَجرٍ ومَدَرٍ وشَجرٍ، وسبَّحَ كُلُّ شيءٍ في السَّمَاوَاتِ والأَرضِ للهِ (عزَّ وجلَّ)، وانهَزَمَ الشَّيطَانُ وهُوَ يَقولُ: خَيرُ الأُمَمِ، وخَيرُ الخَلقِ، وأَكرَمُ العَبِيدِ، وأَعظَمُ العَالَمِ مُحمَّدٌ (صلى الله عليه وآله).
المصدر: جلاء العيون للعلامة المجلسي